الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الرأي الحر: صنعوا الإرهاب ثمّ قالوا «خاطينا»ا

نشر في  04 جوان 2014  (10:11)

بقلم: محمد المنصف بن مراد


منذ الاستقلال وحتّى الإطاحة بنظام بن علي، لم تشهد تونس عمليات ارهابيّة هدّدت ـ فعليا ـ أمن البلاد واستقرارها، وقد قضى النظام القائم على كلّ الجماعات «الدّينية» التي استعملت السّلاح سواء في قفصة أو في سليمان..
لكن بمجيء الترويكا لم يتفطّن المرزوقي ولا بن جعفر لمخاطر الارهاب وكانا سعيدين بمنصبيهما في حين تساهلت حكومتا حمادي الجبالي ثم علي لعريض مع انتشار العنف وتسريب الأسلحة وتكوين الخلايا العنيفة مكتفيتين بالتصريحات الجوفاء، وكان من بين أهمّ أهداف حزب النهضة احكام قبضته على الجهاز الأمني والتوغّل في الإدارات تاركة الحركات الارهابيّة تترعرع وتنشط وتخزّن السلاح..ولقد شاهدنا بعض قيادات هذا الحزب تشارك في اجتماعات الحركات العنيفة وتهبّ لاستقبال دعاة متطرّفين حتى أنّ تونس باتت لقمة سائغة للمتطرّفين والارهابيين وذلك بتزكية ومباركة من حكومة خليجية تشجّع على الدّمار! وفي الأشهر الأخيرة غيّرت حركة النهضة موقفها بعد طرد الإخوان في مصر، ووجود ضغوطات أمريكيّة، وكسب حزب نداء تونس لشعبيّة محترمة، وصمود المعارضة الديمقراطية واتحاد الشغل، ومواقف اليسار، وشجاعة الإعلاميين، وردّة فعل المجتمع المدني ونخصّ بالذكر نساءه وصلابة نقابات الأمن الجهوري..
فعوض ان تتصدّى للعنف والارهاب وتخطّط لإنقاذ الاقتصاد، انصرفت النهضة إلى توظيف الوزارات واختراقها ومكافأة أنصارها والمنخرطين فيها، دون أن يحرّك المرزوقي وبن جعفر ساكنا لأنّهما كانا يعتقدان أنّ الحزب الحاكم سيرشّح أحدهما للانتخابات الرئاسيّة!
وفي هذا الصدد، لابدّ من التذكير بأنّ الارهاب استشرى ومازال لأنّ وزارة الداخلية وقع اختراقها من قبل المتشدّدين الدّينيين، ولأنّها لم تتصدّ للعنف والارهاب بما فيه الكفاية رغم المجهودات الجبّارة للأمنيين الشرفاء، وقد كانت هذه الوزارة تخدم حزبا عوض ان تخدم الوطن.. وطالما انّه لم يقع ابعاد المستشارين المتديّنين وتغيير أغلب المديرين فستفشل الوزارة وسيفشل السيد بن جدو الذي مازال في منصبه بينما مازال الارهاب ينتشر.. ثمّ حذار من كل الانتدابات الجديدة في مدارس التكوين والتي سمحت لشباب متطرّف من النجاح في الامتحانات وسيشرفون على أمن تونس عن قريب!
وإنّي أقترح دراسة كل المكالمات الهاتفيّة لكلّ كبار المسؤولين الأمنيين في تونس والقصرين حتى نطلع على الاجراءات الفورية التي اتخذتها الوزارة والوزير للردّ على الارهابيين وهم يقتلون الأمنيين الذين يحرسون منزل الوزير.. إنّي أدعو الى إقالة أيّ وزير وكل القيادات الأمنية التي تفشل ـ ولو نسبيا ـ في التصدّي للارهاب والعنف السياسي..
أمّا على صعيد المساجد والسّجون، فقد تغلغل الارهاب وتفشّت الدّعوات الى الجهاد وقتل المعارضين والديمقراطيين والإعلاميين دون أن تحرّك وزارتا العدل والشؤون الدّينية ساكنا.. فما معنى ان تبقى مساجد خارج السيطرة يتحكّم فيها حلفاء العنف والارهاب، وما معنى أن يقع اطلاق سراح الارهابيين من قبل قلة قليلة من القضاة في حين قدّمت وزارة الداخلية الأدلّة الكافية على تورّطهم؟ وما معنى أن يزور السّجون دعاة متشدّدون ليحوّلوا شبّانا زاغوا عن السكّة الصحيحة إلى جهاديين في سوريا أو إلى إرهابيّين في تونس؟ كفانا نفاقا فالحرب ضدّ الارهاب تبدأ أيضا بالمساجد والسّجون وبإقصاء كل «المستشارين» المتشدّدين الذين نصّبتهم الترويكا في الوزارات الحسّاسة..
وإذا كنّا جدّيين ـ فعلا ـ في مكافحة الارهاب فالواجب يدعو الى اقصاء المرزوقي من كلّ الاجتماعات الأمنية والحزبيّة،   كما يجب اقصاء أيّ مسؤول أمني أو عسكري تحوم حوله شبهات حزبيّة أو تمتّع بالعفو، فإمّا ان تكون الجبهة السياسية من فولاذ ولا تتحكّم فيها أو توجّهها أيّ ميولات سياسية وإلاّ ستخيب تونس في معركتها ضدّ الارهاب، فكفانا سينما، وتصريحات جوفاء.. انّ بلادنا بحاجة إلى قيادة أمنية وعسكرية وطنية لا ترضخ لنصائح بعض السياسيين ومصالحهم لأنّ تونس أهمّ من كبار الأحزاب ورؤساء الأحزاب، وهي قادرة على الإطاحة بالارهاب شريطة ان نترك الجيش والأمن يتصدّيان لجماعات الموت والدّمار وألّا يتدخّل في عملها أيّ كان..
إنّي أدعو كلّ الأحزاب ـ بمن في ذلك النهضة، التي غيّرت مؤخّرا موقفها من أنصار الشّريعة ـ إلى أن يخلّصوا تونس من غول الارهاب والعنف وان يعدّوا برامج أمنيّة واقتصادية وثقافية وسياسيّة لا علاقة لها بالعقيدة والتكفير والخطاب المزدوج.